تداولت منصات التواصل الاجتماعي مقطعًا صادمًا من مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية، يظهر مشهدًا لمواطن يوثق انتشار مخدر "الشابو" في الأبنية السكنية والساحات المجاورة.
هذا المقطع أثار ضجة كبيرة حول هذا المخدر الخطير وآفة انتشاره داخل المجتمع المحلي، ليكون دليلاً جديدًا على تفشي الظاهرة في مختلف أنحاء البلاد.
http://x.com/i/status/1959544726593433799
تفشي "الشابو" في مختلف المدن المصرية
رغم أن المقاطع الأخيرة من مدينة المحلة الكبرى أظهرت مأساة حقيقية، فإن الأمر لم يعد مقتصرًا على هذه المدينة وحدها. التقارير والشهادات تشير إلى تفشي الظاهرة في القاهرة، الإسكندرية، الدقهلية، بل حتى في محافظات الصعيد مثل سوهاج وقنا، حيث يتم تداول "الشابو" علنًا بين الشباب والمراهقين.
لكن السؤال الأهم: كيف يغيب جهاز الأمن المصري عن الرقابة إلى هذا الحد؟ كيف تتحول الأحياء الشعبية إلى بؤر للجريمة والإدمان، بينما يُفترض أن تكون الأجهزة الأمنية هي خط الدفاع الأول ضد هذه الآفات؟
"الشابو"... موت بطيء وجريمة متحركة
مخدر "الشابو" لا يشبه غيره من السموم البيضاء. فهو يفتك بالجسد والعقل في وقت قياسي، ويكفي تعاطيه مرة واحدة ليُدخل الشاب في نفق الإدمان المظلم. من أبرز أعراضه: هلاوس سمعية وبصرية، فقدان السيطرة على الأعصاب، عدوانية غير طبيعية، وفقدان الوزن بشكل حاد.
ومع طاقته الوهمية الهائلة، يتحول المتعاطي إلى "آلة تدمير" قد ترتكب جريمة قتل أو سرقة بلا وعي. الأمثلة على ذلك كثيرة: جرائم قتل عائلية في الإسكندرية، اعتداءات جنسية في القاهرة، وسرقات مسلحة في الغربية، كلها ارتبطت بتعاطي الشابو.
الأمن يلاحق المعارضين ويتغاضى عن الكارثة
في الوقت الذي تُنفق فيه الأجهزة الأمنية مليارات على مراقبة المعارضين والصحفيين والنشطاء، واعتقال الآلاف بسبب منشورات على فيسبوك، نرى أن حربها ضد المخدرات شكلية لا تتعدى بيانات دعائية عن "ضبطيات ضخمة" هنا وهناك. الحقيقة تقول العكس: الشابو يُباع في وضح النهار وسط صمت رسمي يُثير الريبة.
هل نحن أمام فشل إداري أم تواطؤ متعمد لترك المجتمع يغرق في الإدمان؟ سؤال يطرحه المواطنون يوميًا وهم يشاهدون شبابًا يتحولون إلى جثث متحركة بلا مستقبل.
الانفلات الأمني... قنبلة موقوتة
انتشار المخدرات ليس مجرد مشكلة صحية؛ إنه مؤشر لانهيار منظومة الأمن الاجتماعي.
عندما يفقد الشباب وعيهم، وتنهار الأسر، وتنتشر الجرائم، فإننا أمام قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه الجميع.
المجتمع الذي كان يعاني من الفقر والبطالة أصبح الآن يواجه وباءً جديدًا يقتل ببطء، ولا يجد من يمد له يد الإنقاذ.
أجهزة الدولة تتحدث عن خطط قومية لتطوير الموارد المائية، لكنها تتجاهل الكارثة التي تسحق الشباب. ما جدوى إدارة المياه إذا كانت عقول الأجيال تُغرق في بحر من السموم؟
مطلوب تحرك حقيقي، وليس شعارات
- حملات أمنية جادة: يجب مداهمة أوكار تصنيع وتوزيع المخدرات في جميع المحافظات، لا الاكتفاء بعرض صور ضبطيات أمام الكاميرات.
- توعية حقيقية: إدراج التحذير من المخدرات في المدارس، الجامعات، والأحياء الشعبية.
- إنقاذ المدمنين: إنشاء مصحات مجانية أو مدعومة لعلاج المدمنين نفسيًا وجسديًا بدلًا من تركهم فريسة للموت أو السجون.
الكارثة الوطنية... إلى متى يستمر الصمت؟
ما يحدث اليوم في المحلة، القاهرة، الإسكندرية، والصعيد ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل كارثة وطنية تهدد بإعادة تشكيل المجتمع نحو مزيد من الفوضى والجريمة.
ومع استمرار الصمت الرسمي، يصبح السؤال: هل هذا تقصير أمني أم سياسة مقصودة لإبقاء الناس غارقين في الإدمان حتى لا يفكروا في حقوقهم وحرياتهم؟ وإلى متى يستمر هذا الانفلات؟ ومن سيدفع الثمن في النهاية؟ الشعب وحده.